زتونة الجلسات فيما يخص صدمات الماضي
تعرف إن صدمات الماضي ممكن تتعالج من غير ما تعمل أي حاجة! آه والله لا جلسات ولا استشارات ولا حتى تفريغ مشاعر أو كتابة أو Journaling ، ومن غير مواجهات وصراعات وخلافه …
من فترة مضيت كتاب جديد بيتكلم عن قانون نفسي وبيولوجي مثير جدا وبيحكي عن علاج تلقائي داخلي إسمه “التعود” ، وبتكلم فيه عن إزاي ال “ولا حاجة” ممكن تعالج كل حاجة من منظور نفسي وعصبي
وعلشان تفهم فكرة ال “ولا حاجة” وازاي ممكن تعالجك بدون أدنى تدخل منك، خليني أديلك مثال:
تخيل إنك ركبت طيارة وكانت المرة الأولى اللي تركب فيها طيارة في حياتك .. وتخيل إنك كنت خايف جدا والطيارة بتتحرك ..
إيه اللي حصل بعد ال ٥ دقايق الأولى من الطيران؟ راح فين الخوف ؟ وليه فجأة دقات قلبك هديت مرة تانية؟ وإزاي جالك قلب بعد كام دقيقة انك تغمض عينك وتنام؟
طبيعة بشرية خالصة بتقولنا إننا لما مبنقدرش نواجه المخاوف، بنبطل نخاف وبنتكيف معاها وبننسى أصلا إحنا كنا خايفين من إيه .. ولما مبنقدرش نواجه ظروف قدرية وخارجة عن إرادتنا، فجأة بنهدى وبنتعود وبتبقى جزء من نظامنا لدرجة إننا بننسى إننا كنا في يوم من الأيام رافضينها .. وإن كل شيء مجبورين عليه عقلنا بيلاقي طريقة في أجزاء من الثانية لقبوله ضمن واقعنا من غير ما نعمل “ولا حاجة”!
طيب ده إيه علاقته بصدمات الماضي؟
لا شك إن صدمات الماضي ليها تأثير كبير على السلوك والتوجه والمشاعر وخلافه، بس ماذا لو قولتلك إن تأثيرها مش حتمي؟! وإنه (خد بقى الكبيرة) يمكن أصلا ميكونش موجود! وخد بقى الكبيرة أوي، يمكن تكون الصدمة ديه اتعالجت وإنت مش واخد بالك!
ازاي؟!
علشان تفهم ازاي، خلينا متفقين إن أي صدمة (اختلاف الواقع عن المتوقع) بيكون ليها محتوى معرفي ومحتوى عاطفي ومحتوى سلوكي.. فلو شلت المحتوى المعرفي هيتلغي العاطفي والسلوكي ولو شيلت العاطفي هتحايد المعرفي وهيختفي السلوكي ولو شيلت السلوكي هتأثر في الباقيين.
يعني، فلان اتعرض لضرب من استاذ الانجليزي بتاعه وهو صغير، فلان كبر بيكره الانجليزي وشايفها مادة صعبة وبيتجنب يذاكرها…
المحتوى المعرفي : الانجليزي مادة صعبة (يمكن)
العاطفي: بيكره
السلوك : تجنب المذاكرة
طيب هنفترض إن فلان ده اتخرج من المدرسة ، واشتغل وسافر وراح ورجع ولف ودار ، في الوقت ده، فيه حاجة بتحصل معاه هو نفسه مش واخد باله منها ألا وهي : صنع معاني جديدة .. والمعاني ديه بتتصنع وهو مش بيعمل “ولا حاجة”
خبرة الحياة مع مرور الزمن وتجارب ومواقف حياته بتخليه يصنع معاني، معاني بتخرب عمق الصدمة اللي هو محتفظ بيها .. وبتغيرها وهو حرفيا مش واخد باله ..
ولكن! هيفضل طول الوقت فاكر إنه متأثر بالصدمة وإنه بيكره الانجليزي وإن الانجليزي صعب
ولكن! لو كان حظه حلو والمعاني اتبنت لصالحه (شكل لاواعي) ، وجيه يجرب يذاكر انجليزي هيتصدم لما يكتشف إن الانجليزي سهل جدا وإنه أصلا بيحب يتعلمه .. وهيستغرب ساعتها ويسأل نفسه “هو انا كنت بتجنبه ليه؟”
هقولك مثال تاني، هنفترض انك كنت مرتبط ببهانة وحصل حاجة فرقتكم عن بعض، كنت بتحبها وهايم فيها وفجأة واجهت ألم الانفصال، وهنفترض إنك قعدت سنين بعيد عن بهانة وكل يوم بتحلم بيها ونفسك ترجعلها.. بس خلال السنين ديه انت اتعرفت على علا وميادة وحنان وشوفت ولافيت …
وعيك هيفضل يخليك تفكر برضه في “بهانة” وعقلك هيقنعك إن بهانة هي اللي محصلتش ومفيش زيها .. بس تعالى أفرحك للحظات وأقولك إنك جاتلك الفرصة بعد كل السنين ديه إنك ترجع لبهانة… عارف هيحصل إيه ؟ غالبا هتتقابلوا في مكان شاعري ورومانسي وجميل وهتقعد معاها ساعة وهتدفع الشيك ومش هترد على تليفوناتها تاني لإنك هتكتشف إنك كان مضحوك عليك وإن كل السيناريوهات اللي انت كنت رابطها ببهانة هي سيناريوهات وهمية ملهاش أي أساس من الصحة .. بمعنى تاني، السنين اللي انت عشتها بعيد عن بهانة، انت نضجت في الوعي والمعاني والقيم والأفكار والمعايير والتفضيلات وبالصدفة وفي خلال النضج ده انت عديت بهانة بكتير .. بس انت مكنتش عارف وكنت فاكر إنك لسة متعلق بيها وبتحبها لحد ما واجهت الواقع علشان تكتشف إنها شخص عادي مش زي مانت كنت متخيل.
هل انت عملت حاجة لعلاج نفسك؟ عملت الولا حاجة!
فالولا حاجة بتقولك “مجرد استمرار حياتك وبناء خبرات جديدة، فانت بتعيد بناء عقلك وانت مش مدرك، ولما تواجه الواقع اللي انت كنت متجنبه بتكتشف إنه أي كلام ..
والولا حاجة بتقولك كمان إن الصدمة اللي انت موقف حياتك لحد ما تعالجها، ليها احتمالات تانية زي انها اصلا مش موجودة أو إنها اصلا اتعالجت لكن عقلك بيهيألك إنها موقفة حياتك وده بيدفعك إنك تعمل سلوكيات وتختار اختيارات خاطئة علشان تثبت لنفسك إنك صح بس الصدمة في حد ذاتها بريئة من شكل حياتك الحالي
والولا حاجة بتقولك إن نظرية النظام كانت صادقة لما قالتلك إن لو فيه حاجة واحدة متخلقتش في الحياة هتكون: طريقة انهاءها! وكإن الحياة مستمرة وده ال default بتاعها وإن أي محاولة لوقف الحياة أو منعها هتتقابل بعنف وبسحق وإن المتحكمين في النظام مش اللي بيوقفوا على الواحدة وبيحاولوا يصلحوا العالم علشان يناسبهم .. المتحكمين هما اللي بيتفادوا الخوازيق ، وبيعيشوا في العالم اللي هيناسبهم من غير ما يحاولوا يصلحوه.
وبس كده يا سيدي، ولو القا . تل كان صبر على الم.قت.ول كان مات لوحده
فإعمل زي العيال الصغيرين، لما تتعور وتحط بلاستر على الجرح، بلاش تحتفظ بالبلاستر كتير ومن وقت للتاني بص تحته ، يمكن تكون خفيت ومبقتش محتاج تخفي حاجة.
* جرب يعني
ويومكم أجمل من يومي
نهاد رجب
ابدأ رحلتك لفهم جذور مشاكلك النفسية واكتشاف أدوات عملية تعزز وعيك وتطورك.
احجز مكانك الآن