التنويم الإيحائي في الإسلام: بين التحريم والإباحة وفقًا للفتاوى المعتمدة
يُعتبر التنويم الإيحائي (أو التنويم المغناطيسي) من الأساليب المستخدمة حديثًا في مجالات العلاج النفسي، ويثير جدلًا واسعًا بين العلماء والباحثين حول موقف الشريعة الإسلامية منه. فهل هو مجرد وسيلة علاجية نفسية مباحة؟ أم أنه يتضمن محاذير شرعية قد تجعله مندرجًا تحت الممارسات المحرّمة؟ في هذا المقال، نعرض لك الرأي الإسلامي حول التنويم الإيحائي بناءً على المصادر الفقهية الموثوقة.
ما هو التنويم الإيحائي؟
التنويم الإيحائي هو حالة ذهنية يدخل فيها الشخص إلى مستوى عميق من الاسترخاء، بحيث يصبح أكثر تقبّلًا للإيحاءات والتوجيهات من المعالج. يُستخدم في مجالات متعددة، مثل علاج الإدمان، الخوف، القلق، وبعض أنواع الألم النفسي أو الجسدي.
لكن الموقف الشرعي من هذه الممارسة يختلف باختلاف الطريقة المستخدمة، والمحتوى الإيحائي، والنية من الاستخدام.
هل التنويم الإيحائي حلال أم حرام؟
✅ أولًا: عندما يكون التنويم الإيحائي مرتبطًا بالجن أو الاستعانة بقوى خفية:
الجواب: محرم شرعًا، ويعد نوعًا من الشرك أو الكهانة.
جاء في فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (السعودية):
“التنويم المغناطيسي ضرب من ضروب الكهانة باستخدام جني يسلطه المنوِّم على المنوَّم فيتكلم بلسانه، ويخبره ببعض المعلومات… وعلى ذلك يكون استغلال التنويم المغناطيسي واتخاذه طريقًا أو وسيلة للدلالة على مكان السرقة، أو معرفة الغائب، أو معالجة المصروع أو المريض كما يزعمون غير جائز، بل هو شرك لما تقدم.”
📚 المصدر: فتوى اللجنة الدائمة – طريق الإسلام
✅ ثانيًا: عندما يعتمد على الإيحاء النفسي فقط دون طقوس شركية أو استعانة بالجن:
الجواب: جائز بشروط.
قالت اللجنة العلمية بموقع الإسلام سؤال وجواب:
“إذا كان التنويم المغناطيسي لا يقوم على الاستعانة بالجن، وإنما يعتمد على الاسترخاء الذهني والإيحاء، ولا يتضمن محاذير شرعية كالكشف عن العورات أو الإيحاء بأفكار محرّمة، فهو مباح في الأصل.”
📚 المصدر: الإسلام سؤال وجواب – فتوى رقم 12631
✅ ثالثًا: رأي موقع إسلام ويب:
“التنويم المغناطيسي لا حرج فيه إذا كان يعتمد على الإيحاءات النفسية ويُستخدم في الخير، ويحرم إن استُخدم في الشر أو استُغل في ترويج الباطل.”
📚 المصدر: إسلام ويب – فتوى رقم 101320
متى يُمنع التنويم الإيحائي شرعًا؟
يُعد محرمًا في الحالات التالية:
- إذا كان مرتبطًا بممارسات روحية مشبوهة مثل استحضار الأرواح أو فتح الشاكرات.
- إذا تم باستعانة بالجن أو ادعاء علم الغيب.
- إذا تضمّن الإيحاء بأفكار أو مشاعر محرّمة.
- إذا سلب الشخص حريته وإرادته دون إذن واضح.
- إذا استُخدم في الضرر أو الابتزاز أو انتهاك الخصوصية.
خلاصة القول:
التنويم الإيحائي في الإسلام ليس محرّمًا بشكل مطلق، ولا مباحًا بإطلاق، وإنما يتوقّف حكمه على الوسائل المستخدمة، والنوايا، والنتائج. فإن كان وسيلة علاجية خالية من المحاذير الشرعية ومبنية على أسس علمية ونفسية صحيحة، فلا حرج فيه.
لكن إذا انحرف عن هذه الضوابط ودخل في ممارسات شركية أو لا أخلاقية، فهو محرّم قطعًا.
المصادر الموثوقة:
- فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء – طريق الإسلام
- الإسلام سؤال وجواب – فتوى رقم 12631
- إسلام ويب – فتوى رقم 101320